الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
البَاءُ: مِنْ حُرُوفِ الجرِّ، وتَجُرُّ الظَّاهر والمُضْمَر نحو{آمَنُوا بِاللَّهِ} (الآية "62" من سورة النور "24") {آمَنَّا بِهِ} (الآية "7" من سورة آل عمران "3") ولَهَا أَرْبَعَةَ عَشَر مَعْنًى وهي: -1 الاسْتِعَانَةُ، وهي الدَّاخِلةُ على آلَةِ الفِعْلِ نحو "كتَبْتُ بالقَلَمِ". -2 التَّعْدية، نحو{ذَهَب اللَّه بِنُورِهِمْ} (الآية "17" من سورة البقرة "2") أي أَذْهَبَهُ. -3 التَّعْوِيضُ أو المقابلةُ نحو "بعْتُكَ هذا الثَّوبَ بِهذه الدَّنانير". -4 الإِلْصاق، حَقِيقةً أو مَجازًا نحو "أمْسَكْتُ بِزَيدٍ" ونحو "مرَرْتُ به" والمعنى: ألصقتُ مروري بمَكَانِ يقرُبُُ منه، وهذا المعَنْى مجازي. -5 التَّبْعيض، نحو{عَيْنًا يَشْرَبُ بها عبَادُ اللَّهِ} (الآية "6" من سورة الدهر "76".) ونحو{فَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}. (الآية "7" من سورة المائدة "5"). -6 المُجَاوَزَة، نحو{فَاسَأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (الآية "59" من سورة الفرقان "25") أي عَنْهُ، ومِثْلُهُ قولُ عَلْقَمة بنِ عَبَدَة: فَإنْ تَسأَلُوني بالنِّسَاءِ طَبِيبُ *** بَصِيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبِيبُ -7 المُصَاحبة، نحو: {وَقَدْ دَخَلُوا بالكُفْرِ} (الآية "61" من سورة المائدة "5") أي مَعَهُ. -8 الطَّرْفِيّة، نحو: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الغَرْبي} (الآية "44" من سورة القصص "28") أيْ فيهِ، ونحو: {نَجَّيْنَّاهُمْ بِسحَرَ} (الآية "34" من سورة القمر "54") أي في سَحَر. -9 البَدَل، كقول رَافِع بنِ خَدِيج: "ما يَسُرُّني أَنِّي شَهِدْتُ بدرًا بالعَقَبة" أي بَدَلها. -10 الاستِعْلاَء، نحو: {وَمِنْ أَهْلِ الكِتابِ مَنْ إنْ تأمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} (الآية "75" من سورة آل عمران "3"). أي على قنطار. -11 السَّببيَّة، نحو: {فِبِما نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} (الآية "155" من سورة النساء "4"). -12 الزَّائِدَة، وهي لِلْتَّوْكِيد، نحو: {كَفَى باللَّهِ شَهِيدًا} (الآية "79" من سورة النساء "4")، {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيَكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ} (الآية "195" من سورة البقرة "2".) -13 الغاية، نحو: {وَقَدْ أَحْسَنَ بيَ} (الآية "100" من سورة يوسف "12") أي إليَّ، ودخول "ما" الزَّائدة عليها لا تكُفُّها عن العمل، نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (الآية "159" من سورة آل عمران "3") (= الجار والمجرور). -14 القَسَم، والبَاء\ُ هي أَصْلُ أَحْرُفِ القَسَم الثلاثةِ" الباءِ، والوَاوِ، والتاء". ولذلكَ خُصَّت بجَوازِ ذِكرِ الفِعلِ مَعَها نحو: "أُقْسِمُ باللَّهِ لَتَفْعلنَّ" وجوازُ دُخُولِها على الضمير نحو" بِكَ لأفعلنَّ" وجوازُ دُخُولِها على الضمير نحو "بكَ لأفعلنَّ" وجوازُ استِعْمَالها في القَسَم الاسْتِعْطَافي نحو: " باللَّه هَلْ تَشْفعُ لي" أيْ أَسْألكَ باللّه مُسْتَعطِفًا، وهي من حُرُوفِ الجر، وتَجُرُّ المُقْسَم به. البَاءُ المحذُوفة: قدْ تُحذَفُ الباءُ، فينتصِبُ المَجْرُور بعدها على المَفْعُول به، لأنه نزع الخافِض، ووُصل الفعل بمفعوله نحو قوله تعالى: {ألا إنَّ ثُمودَ كَفَرُوا ربَّهُم} (الآية "68" من سورة هود "11".) أي بربهم. ومثله: "أمَرْتُك الخيرَ" والأصل: بالخير.
بَاتَ: ومَعناها(كما يقول الفراء) "سَهِرَ الَّليلَ كلَّه في طاعَةٍ أو مَعْصِية" وقال الزَّجَّاج: كُلُّ مَنْ أخوات" كانَ" تَامَّةُ التصرُّفِ: -1 وتُسْتَعْمَل ماضيًا ومضارعًا وأمرًا ومصْدرًا نحو قوله تعالى: {والَّذِين يَبيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وقِيَامًا} (الآية "64" من سورة الفرقان "25".). وتَشْتَرِكُ مَعَ كانَ في أحكام. (=كان وأخواتها). -2 وقد تَأْتِي "بَاتَ" تَامَّةً فَتَكْتَفِي بِمَرْفُوعها وهو فَاعِلٌ لها، وذلِكَ إذَا كانَتْ بمَعْنى عَرَّسَ أي استَراحَ لَيْلًا نحو قولِ عُمَر: " أمَّا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقد باتَ بِمِنَى" أي عَرَّسَ بها، وقول امرِئ القَيْس: وباتَ وبَاتَتْ لهُ لَيْلَةُ *** كَلَيْلَةِ ذي العَائِرِ الأَرْمَدِ ("بات" الأولى تامة بمعنى عَرَّس ونَزَل ليلًا والثانية ناقصة بمَعْنى صارَ "العَائِر" اسمُ فاعل من العور: وهو القذى أو الرمد في العين تدمع له.) وقالوا: "بَاتَ بالقَوْمِ" أي نَزَلَ بهم لَيْلًا. بَادِئ بدءٍ: ومثلُهُ: بادئ ذي بَدْءٍ (وهناك ألفاظ كثيرة غيرهما انظرها في القاموس)، أي أول شيءٍ، وفي اللسان: أي أوَّلَ أوَّل، فـ " بادِئ" منصوب على الظرفية، و "بدءٍ" أو "ذي" مجرور بالإضافة. وقيل: يَصحُّ جعلُه حَالًا منَ الفاعل. بِئْسَ: (=نعم وبِئس). البَتَّة: تقول لا أفعلُه الْبَتَّةَ كأنه قَطع فِعْلَه، والبَتُّ: القَطْع ومَذْهبُ سيبويه وأصحابِه: لا يُستعملَ إلاَّ بالأَلِفِ واللاَّم لا غَيْر، وأجازَ الفَرَّاء الكُوفي وحدَه تنكيرَه فأجَاز" لا أفْعَلُه بَتَّةً" وإعرابُ "الْبَتَّة": مصدرٌ مؤكِّد. بَجَلْ:
-1 بمعنى حَسْب، وهي سَاكِنَةٌ أبَدًا، يقولون: " بَجَلْكَ" كما يَقُولون: "قَطْكَ" إلاَّ أنَّهُمْ لا يَقُولُون: "بَجَلني" كما يقولون: "قَطْنِي" ولكن يقولون: " بَجَلِي" مُحَرَّكَة الجِيم، و "بجْلي" سَاكِنَةَ الجيم أي حَسْبي، قال لبيد: فَمَتَى أهْلِكْ فَلا أحْفِلُهُ *** بَجَلِي الآنَ من العَيْشِ بَجَلْ ومنه قولُ الشاعِر في يومِ الجَمَلْ: نَحْنُ بَنِي ضَبَّةَ أصْحابُ الجَمَلْ *** رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخنا ثُمَّ بَجَل أي ثم حَسْب، وهو اسمُ فعلٍ مُضَارعٍ بمعنى يكفي. -2 وقد تأتي "بَجَلْ" حرفَ جوابٍ بمعنى " نعم" هكَذَا قيل. بَخْ: اسْمُ فَعلٍ مُضارعٍ يُقالُ عند المدْحِ والرِّضا بالشَّيء، ويكرَّرُ لِلْمُبَالَغَةِ فإنْ وُصِلَتْ كُسِرَتْ ونُوِّنَتْ فتقول: " بَخٍ بَخِ". بَدَأَ: فعلٌ ماضٍ من أَفْعَالِ الشُّروع يعملُ عملَ كانَ نحو" بَدَأ الجيشُ يَزْحَفُ". ويَجِبُ أنْ يكونَ خَبَرُها جُمْلةً مِن مُضارِعٍ، وفاعِلُه يَعُود على الاسم، وقَدْ تأتي تامةً إذا كان المَعْنَى مُجَرَّدَ البَدْء. البَدَل(ويسميه الكوفيون: تكريرًا كما نقل عنهم ابن كيسان، ونقل الأخفش: أنهم يسمونه الترجمة والتبيين.): -1 تعريفه: هو تابعٌ، بِلا واسِطَةِ عَاطفٍ، مقصودٌ وحْدَه بالحُكْمِ، والمتبوعُ ذُكِرَ توطئِةً له، ليكونَ كالتَّفسير بعدَ الإِبهام ولا يَتَبَيَّن البَدَلُ بغيره، لا تَقُول: " رأيتُ زَيْدًا أبَاه" والأبُ غَيرُ زيدٍ، ويَصحُّ أَنَّ يُوافِقَ البَدَلُ المُبْدلَ مِنْهُ ويُخَالِفَه في التَّعريف والتَّنْكِيرِ، فَيَصحُّ عِندَ البَصْريين إبدالُ المَعْرِفَةِ مِنَ النَّكِرَةِ، والنَّكرَةِ من المَعْرِفَةِ، والمَعْرِفَةِ من المَعْرِفة، أمَّا الأول كقولك: مررتُ برجلٍ زيدٍ، ومثلُه: {وإنك لَتَهْدي إلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ} (الآية "52 - 53" من سورة الشورى "42")، وأمَّا الثَّانِي فنَحْو مَرَرْتُ بزَيْدٍ رجلٍ صالِحٍ، ومثله: {لَنَسْفَعًَا بِالنَاصِيةِ ناصِيةٍ كاذِبَةٍ} (الآية "15 - 16" من سورة العلق.) والثالث نحو {أهْدِنَا الصِّراطَ المُسْتَقِيم صِرَاطَ الَّذِين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الآية "5" من سورة فاتحة الكتاب "1"). -2 أقسامه: البَدَلُ أَربعَةُ أَقْسام: أ - بَدَلُ كلِّ مِنْ كُلِّ ويُسمَّى المُطَابِق. ب - بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُل. ج - بَدَلُ الاشْتمال. د - البَدَل المُبَايِنُ، وهاكَ بَيَانَها: (أ) بَدَلُ كلٍّ من كلٍّ أوِ المطابق، هو بدلُ الشَّيءِ مِمَّا يُطابقُ مَعْنَاه، نحو: {اهْدِنَا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الآية "6" من سورة الفاتحة "1")، ونحو: " رأيت زيدًا أَخَا عَمْرو"، وأخَا عَمْرٍو تَصِحُّ بَدَلًا وصِفَةً. (ب) بَدَلُ بعضٍ من كل: هُوَ بَدَلُ الجُزْءِ من كلِّه قَلَّ أو كَثُرَ أو ساوَى، يَقُول سيبويه في بَدَل البَعْض: وهو أنْ يتكلم فيقول: " رأيت قَومَك" ثم يَبْدو لَهُ أَنْ يُبَيِّن مَا الَّذِي رأى منهم، فيقول: ثلثيهم ناسًا مِنْهُم. ولا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِه بضَمِيرٍ يَرجِعُ عَلى المُبدَلِ منه، إمَّا مَذكُورٍ نحو "أكَلْتُ الرَّغِيفَ نصْفَه" أو مُقدَّرٍ نحو: {وَللَّهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاع إليهِ سَبِيلًا} (الآية "97" من سورة آل عمران "3") أي من اسْتَطَاعَ مِنْهُمْ. (جـ) بَدل الاشْتمال: هو بَدَلُ شَيءٍ من شَيْءٍ يَشْتَمِلُ عَامِلُهُ على مَعْنَاهُ إجْمالًا لأنَّهُ يَقْصِد قَصْدَ الثَّاني ولا بُدَّ فيه مِن ضَميرٍ كسَابِقِه، إمَّا مَذكُورٍ نحو: "سُلِبَ زَيدٌ ثَوبُه"، لأَنَّ مَعْنَى سُلِبَ: أُخِذَ ثَوْبُه ومثله: " سَرَّني الحاكِمُ إنصَافُهُ" أو مُقدَّر نحو قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحابُ الأخْدُودِ النَّار ذَاتِ الوَقُودِ} (الآية "4 - 5" من سورة البروج "85") أي النار فيه، ومثلُ ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عن الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فيه} (الآية "217" من سورة البقرة "2"). (د) البَدَلُ المُبَاين: هُوَ ثَلاثَةُ أقْسَام، وتَنْشَأُ هذه الأقسامُ من كونِ المُبْدَلِ منه قُصِدَ أوْلًا، لأنَّ البدلَ لا بُدَّ أن يَكُونَ مَقْصودًا فالمبْدَلُ منه إنْ لم يكنْ مقصودًا البتة - وإنما سَبَقَ اللسانُ إليه - فهو "بَدَلُ غَلَط" أي بَدَلٌ سَبَبُهُ الغَلَطُ، لا أنه نفسَه غَلطٌ. وإنْ كَانَ مَقْصُوداَ، فإن تَبَيَّنَ بعد ذكرِهِ فَسَادُ قَصْدِهِ، فـ " بَدل نِسْيان" أي بَدلُ شَيء ذُكِرَ نِسيانًا، وإن كانَ قُصِدَ كلُّ واحِدٍ من المبدلِ منه والبَدَل صحيحًا فـ "بَدَل الإِضراب" فإذا قلت: " اشْتَريْتُ لَحْمًا خبزًا" فهذا صَالِحٌ للثَّلاَثَةِ بالقَصْدِ، والأَحْسَنُ أَنْ يُؤْتَى لهَذِه الأَنْواع بـ " بَلْ". -3 تَوَافُقُ البَدَل والمُبْدل منه وعدمُ توافُقِه. لاَ يَجِبُ توافُقُ البَدَلِ والمبدَلِ منه تَعْريفًا وتَنْكِيرًا، فتارةً يكونان مَعْرفتين، نحو: " جَاءَ أَخُوكَ عليٌّ" وأخرى نَكِرَتَيْنِ نحو: {إنّ لِلْمُتَّقِينَ مفازًا حَدَائِقَ} (الآية "13 - 32" من سورة النبأ "78"، أو مُخْتَلِفَتَينِ نحو: {إنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ الَّلهِ} (الآية "52 - 53" من سورة الشورى "42")، {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} (الآية "15 - 16" من سورة العلق "96") وقد تقدم. وأمَّا الإِفْرادُ والتَّذْكِيرُ وأَضْدَادُهُما فيَجِبُ التَّوافُقُ فِيها إنْ كَانَ بَدَلَ كلِّ، إِلاَّ إنْ كانَ أحدُهما مَصْدَرًا، أو قَصْدَ التَّفصِيل، فلا يُثَنَّى ولا يُجْمعُ نحو{مَفازًا حدائقَ} وقول كثيِّر عزَّة: وكُنْتُ كذِي رِجْلَين رِجْلٍ صَحيحةٍ *** ورِجْلٍ رَمَى فِيها الزَّمَانُ فَشَلَّتِ وإنْ كان غَيْرَ "بدل كُل" لم يَجِبِ التَّوافقُ نحو" سَرَّني العُلَماءُ كِتَابُهم". "أكلتُ التَّفَاحةَ ثُلُثَيْها". -4 الإِبدالُ من الضَّمِير: لا يُبْدَلُ مُضْمرٌ من مُضْمَرٍ، ولا يُبْدَلُ مُضْمَرٌ مِنْ ظَاهِرِ هَذَا عندَ الأكثرين(أمَّا سيبويه فيقول:: "فإنْ أردتَ أن تجعَل مُضْمرًا بَدلًا من مُضمَرٍ، قلت: "رأيتُكَ إيَّاهُ" و "رأيتُهُ إيَّاهُ" ويقول: "واعلم أنّ هذا المُضْمَر يجوزُ أن يكون بَدَلًا مِن المظهر" كأنك قلت: " رأيت زيدًا " ثم قلت "إياهُ رَأيت" ومثّل المُبرِّد بقوله" زيد مررت به أخيك".) ويجوزُ العكسُ أي الظاهر من مضمر مُطْلقًا إنْ كَانَ الضَمِيرُ لَغَائِبٍ نحو: {وأسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِين ظَلَمُوا} (الآية "3" من سورة الأنبياء "21") بِشَرْط أنْ يكونَ بَدَلَ بَعْضٍ نحو: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ} (الآية "21" من سورة الأحزاب "33"). وقول غُويل بن فرج: أَوْعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ *** رِجْلي ورِجْلي شَثْنَةُ المَنَاسِمِ (الأداهم: جمع أدهم وهو القيد، المناسم: جمع مَنْسَم: وهو خف البغير، استعير للإِنسان، وشثنة المناسم: أي غَلِيظتها، والشاهد فيه "رِجْلي" فإن بَدل بعض من الياء في أَوعَدَني.) أو بَدَل اشتمالٍ كَقَوْل النابغة الجَعْدِي: بَلَغنا السَّماءَ مَجْدُنا وسَنَاؤُنَا *** وإنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرًا (هذا البيت من قصيدةَ أنشدها بين يَدَي النبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال إلى أينَ المظهر يا أبا ليلى، فقال: الجنة، فقال: أجَلْ إن شاء الله، الشاهد: قوله" مَجدُنا " فإنه بدلٌ اشتمال من الضمير المرفوع.). أو بَدَلُ كُلِّ مُفِيدٍ للإِحَاطَةِ والشُّمول نحو: {تكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنا وآخِرِنا} (الآية "144" من سورة المائدة "5" فـ " لأوَّلِنا وآخِرِنَا" بدل من "لنا" يفيد الشمول والإحاطة.). ويمتنع إنْ لم يُفِدِ الإِحَاطة. -5 البَدَلُ مَن مَضَمَّن مَعْنَى الاسْتِفْهَام أو الشَّرْط: إذا أُبْدِلَ مِنْ اسْمٍ مُضَمَّن مَعْنى "همزة" الاستفهام أو "أنْ" الشَّرْطِية أُتيَ "بالهمزةِ" للاستِفْهام وبـ " إن" للشَّرطِيَّة، فالاستفهام نحو: " مَنْ عِنْدَكَ أسَعيدٌ أَمْ عَليٌّ"، و" كَمْ مَالُكَ أَعِشْرُونَ أَمْ ثَلاثُون"، و "ما صَنَعْتَ أَخَيْرًا أَمْ شَرًّا". والشرط نحو: " مَنْ يُسافِرْ إنْ خالدٌ وإنْ بَكْرٌ أُسافِرْ مَعَه" و "ما تَصْنَعْ إنْ خَيْرًا وإنْ شَرًّا تُجْزَ بِهِ". -6 البَدَل مِن الفِعل: كما يُبْدَلُ الاسْمُ مِنَ الاسمِ يُبْدَلُ الفعلُ مِنَ الفِعلِ بَدَلَ كلٍّ مِنْ كلّ نحو قول عبد الله بن الحرّ: مَتى تَأتنَا تُلْمِمْ بَنَا في دِيارِنا *** تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا ونَارًا تَأَجَّجا وبَدَلَ اشْتِمال نحو: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ} (الآية "68 - 79" من سورة الفرقان "25") وقوله: إنَّ عَلَيَّ اللَّهَ أَنْ تُبَايِعَا *** تُؤْخَذَ كَرْهًا أَوْ تَجيءَ طَائِعًا ولا يُبْدَل الفِعْلُ بَدَلَ بعضٍ، ولا غَلَطٍ، وأَجازَهُمَا جَماعَةٌ، ومثلوا للأوَّل بقولهم: " إنْ تُصَلَّ تَسْجُدْ لله يَرْحَمْكَ". وللثاني نحو" إنْ تُطْعِمْ الفقير نَكْسُه تُثَبْ على ذلك". والدَّلِيل على أن البَدَلَ في الأمْثِلَةِ هو الفِعلُ وحْدَه ظُهُورُ إعْرَاب الأولِ على الثاني. -7 بَدلُ الجُملةِ من الجُمْلة، والجملة من المفرد: تُبدَلُ الجملة من الجملة إنْ كانتِ الثانيةُ أَبْينَ من الأولى، نحو: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونْ أَمَدَّكُمْ بأنْعَامٍ وبَنِينَ} (الآية "132 - 133" من سورة الشعراء "26"). وتُبْدَلُ الجُمْلَةُ من المُفْردِ كقولِ الفَرَزْدَق: إلى اللَّهِ أَشْكُو بالمَدِينةِ حَاجَةً *** وبالشَّامِ أُخْرَى كَيْفَ يَلْتقيان أَبْدَلَ "كَيْفَ يَلْتَقِيَان" من "حَاجَةً وأُخْرَى" أي إلى الله أشكُو هَاتَيْنِ الحَاجَتَين تَعَذُّرَ التِقَائِهِمَا. -8 قد تكون "أنَّ" بدلًا مما قبلها: وذَلِكَ قولُك: "بَلَغَتْني قِصَّتُكَ أَنَّكَ فَاعِلٌ" و "قدْ بَلَغني الحديثُ أنَّهم مُنْطَلِقُون" فالمعنى: بَلَغَنِي أنَّك فاعِلٌ، وبَلَغَنِي أنَّهُمْ مُنْطَلِقُون. ومن ذلك: {وإذْ يَعِدْكُمْ اللَّهُ إحْدَى الطائِفَتَيْنِ أنَّها لَكُمْ} (الآية "7" من سورة الأنفال "8") فإنَّها مُبْدَلَةٌ من إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مَوْضُوعَةٌ في مكانها، كأنَّك قلتَ: وإذْ يَعُدِكُمُ اللَّهُ أَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ لكُمْ، فقَد أبْدَلْتَ الآخِرَ مِن الأَوَّل، ومِنْ ذلِكَ قولُه عزَّ وجلَّ: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِن القُرُونَ أّنَّهُمْ إلَيْهِم لا يَرْجِعُون} (الآية "31" من سورة يس "36"). ومما جاءَ مُبْدَلًا من هذا الباب قولُه تَعَالى على لسانِ مُنْكِري البَعْث: {أََيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذَا مُتُّم وكُنْتُمْ تُرَابًا وعِظَامًا أنّكم مَخْرِجُونَ} (الآية "35" من سورة المؤمنون "23") فكأنه قال: أيَعِدُكثم أنَّكم مُخْرَجُون إذا مُتُّم. -9 كلماتٌ يَصحُّ فيها البَدَلُ والتَّوكِيدُ والنَّصب على أنها مفعول: تقول: "ضُرِبَ عبدُ اللَّهِ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ" و "ضرِبَ زيدٌ الظَّهرُ والبَطْنُ" و "قلِبَ عُمْرٌو ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ" و" مُطِرْنَا سَهْلُنا وجَبَلُنَا" و" مُطِرْنا السَّهْلَ والجَبَل". فإنْ شِئت جَعَلْتَ ظَهْرَه في المَثَلِ الأَوَّل، والظهرَ في الثانِي، وعمروٌ في المَثَلِ الثَّالث، وسَهْلُنا في الرابع، والسَّهلُ في الخامس - بدلًا، وإن شِئْتَ جَعَلتَه توكيدًا بِمَنْزِلَةِ أجْمَعِين - أي يَصِير البَطْنُ والظَّهْرُ توكيدًا لعبدِ اللَّه، إذ المَعْنَى ضُرِب كُلُّه، كَمَا يَصِير أجْمَعُون توكِيدًا للقَوْم - وإن شِئْت نَصَبْتَ - أي عَلَى المفعولية - تَقُول: " ضُرِبَ زَيْدٌ الظَّهرَ والبَطْنَ" و" مُطِرَنا السَّهلَ والجَبَلَ" و "قلِبَ زيدٌ ظَهْرَه وبَطْنَه" - كُلُّها بالنصب والمعنى أنَّهُمْ مُطِروا في السَّهلِ والجَبَل وقُلِبَ على الظَّهرِ والبَطْنِ، ولكنهم أجَازُوا هذا كما أجَازُوا قَولَهُمْ: " دَخَلتُ البَيْتَ" وإنما مَعْناه: دَخَلْتُ في البيت والعامِلُ فيه الفعل. ولم يُجِيزُوه - أي حَذْفُ حَرْفِ الجر - في غيرِ السَّهْل والبَطْن والجَبَل، كما لم يَجزُ: دخلتُ عبدَ اللَّهِ فجاز هَذا في ذَا وَحْدَه، كما لم يَجُزْ حَذْفُ حَرْفِ الجَرِّ إلاَّ فِي الأَماكِن في مثل: " دخلتُ البيت واختُصَّتْ بهذا. وَزَعَم(زَعَمَ هنا: بمعنَى قال.) الخليل رحمه الله أنهم يقولون: "مُطِرْنَا الزَّرْعَ والضَّرْعَ". ومما لا يصح فيه إلاّ البَدَليَّة قولُه عزَّ وجلَّ: {وللَّهِ عَلى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ استطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} (الآية "97" من سورة آل عمران "3") مَنْ استطَاعَ أي منهم ومَنْ: بَدلُ بَعضٍ من الناس. ومِن هذا الباب قولُك: " بِعْتُ مَتَاعَك أسفَلَه قَبْلَ أعْلَاهُ" و "اشْتَرَيْتُ مَتَاعَكَ أسفَلَه أَسْرَعَ مِنَ اشْتِرَائي أعلاه". و "سقَيْتُ إبِلَكَ صِغَارَهَا أَحْسَنَ مِن سَقْيِي كِبارَها"، "ضَرَبْتُ النَّاسَ بَعْضَهم قَائَمًا وبَعْضَهم قَاعِدًا" فهذا لا يكون فيه إلاّ النَّصْبُ - أي على البَدَلِية - يقول سيبويه: لأنَّ مَا ذَكَرْتُ بعدَه ليسَ مَبْنِيًّا عليه فيكونَ مُبْتَدًا، ومِنْ ذَلِكَ قولُكَ: " مَرَرْتُ بمتاعِك بَعْضِه مَرْفُوعًا وبَعْضِه مَطْرُوحًا" فهذا لا يَكونُ مَرْفُوعًا - أي على الابتداء - وجَعَلْتَ مَرْفُوعًا ومَطْرُوحًا حَالَين من بَعضه، ولم تجعلْه مَبْنيًّا على المبتدأ يقول سيبويه: وإنْ لَمْ تَجْعلْه حالًا للمرور جازَ الرفع. (يتبع...) (تابع... 1): البَدَل(ويسميه الكوفيون: تكريرًا كما نقل عنهم ابن كيسان، ونقل...... -10 يَجوزُ في البدَلِ القَطْعُ أَحْيانًا ولا يَصِحُّ أحيانًا. القَطْع: أنْ تَقْطَع البَدَل عن اتِّباع المُبْدل منه في الحَرَكات ويكونُ مُبْتَدأ أو غَيرَه، مثال الجمع قوله تعالى: {ويومَ القِيامةِ تَرَى الذِين كَذَبُوا على اللَّهِ وجُوهُهُم مُسْوَدَّة} (الآية " 60" من سورة الزمر "39") والأصل: وجوهَهُم على النَّصْب بَدَلًا من الذين، ولَكِنْ أُوثِرَ في الآية القَطْعُ لأَنَّ المَعْنَى بالقطع هنا أوضحُ وأجود. وتقول: " رأيتُ مَتَاعَكَ بَعْضُهُ فوقَ بَعْضٍ" بَعَضُه مبتدأ، وفَوْق في موضع الخَبر ويَجوزُ أن تجْعَلَ بعضَه منصوبًا على أنَّها بَدَلُ بَعْض. وَفَوْقَ في مَوْضِع الحَال، وتَقُولُ: "رأيتُ زَيْدًا أبُوهُ أَفْضَلُ مِنه" أبُوه مُبْتَدأٌ وأفْضَلُ خَبَرٌ والجملةُ نَعْتٌ لزيدٍ، يَقُول سيبويه: والرفعُ في هذا أعرفُ مع جَوازِ البَدَلية، ومما جَاءَ تَابِعًا على البَدَلِية - لا على القطع - قولُ من يُوثَق بِعَرَبِيَّتِه - على ما قال سيبويه - "خَلَق اللَّهُ الزَّرافَةَ يَدَيْها أطولَ مِنْ رجليها" فَيَدَيْهَا بدلُ بعضٍ من الزَّرَافَة، ويجوزُ فيها القطعُ كما قَدَّمْنا، ومن ذلك قول عَبْدَة بن الطبيب: وَمَا كَانَ قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكَ واحدٍ *** ولكنَّه بُنْيَانُ قَوْمٍ تَهَدَّما هُلْكُه بَدَل اشْتِمَال من قَيْس، ويَجُوزُ على القَطْع فيكون هُلْكُه مُبْتدأ وهُلْكُ خبر والجملة خبرُ كان، ولكن هكذا يُنْشَد، ومِثلُه قول رجلٍ من بَجِيلةَ أو خَثْعَم وقيل عَدِيّ بنُ زيد: ذَرِيني إنَّ أمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا *** وما ألْفَيتِني حِلْمِي مُضَاعَا حلمي: بدلُ اشْتِمَالٍ من ياءِ المتكلم من ألْفَيْتِني. -11 افتراق عطف البيان عن البَدَل: يَفْتَرِقُ عطفُ البيان عن البَدَلِ في أشياء منها: (1) أنَّ عطفَ البيان لا يكونُ مُضْمرًا ولا تَابَعًا لمُضْمَر. (2) أنَّهُ يُوافِقُ مَتْبُوعَهُ تَعْريفًا وتنكيرًا. (3) أنَّهُ لا يكونُ فِعْلًا تابعًا لفعل. (4) أنَّه لَيسَ في التَّقْدِير من جملةٍ أخرى. (5) لا يُنْوى إحْلالُه مَحَلَّ الأوَّل بخلاف البَدَل في جميع ذلك. بَدَل الاشتِمال(= البدل 2 جـ). بَدَلُ بَعْضٍ مَنْ كُل(=البدل 2 ب). بَدَلُ كُلٍّ من كُل(=البدل 2 أ). البَدَلُ المُباين(=البَدَل 2 د). بُسْ بُسْ: اسمُ صوتٍ دُعَاءٍ للغَنَم والإِبِل. البِضْع: ومثله" البِضْعَة" وهُوَ ما بين الثَّلاثِ إلى التَّسعِ وحُكْمُه تأنيثًا وتذكيرًا في الإِفْراد والتركيب: حُكْمُ "تِسعٍ وتِسعةٍ" تقولُ: "بَضْعَ سِنِينَ" و "بضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا" و "بضْعَ عَشْرَة امْرأة" ولا يُستعمل فيما زادَ على العشرين وأجَازَه بعضُهم ورُوِي في الحديث: (بِضْعًا وثَلاثِينَ مَلَكًا). وجَعَلهُ النُحاةُ كالمصدر فلا يُجمَع ولا يُثَنَّى. بَعْد: ضِدُّ "قَبْل" وهي ظَرْفٌ مُبْهَم لا يُفْهَم معناه إلاَّ بالإِضافةِ لِغيرِهِ، وهو زَمَانٌ مُتَراخٍ عن الزمان السابقِ فإن قرُبَ منه قِيل: بُعَيْد، وقد يكونُ للمكانِ، وله حَالَتان: الإِضافةُ إلى اسمِ عيْن فحينئذٍ يكونُ ظَرْفَ زمان، أوْ إلى اسمِ مَعنىً فظرفُ مكان. وأحكامُها الإِعرابية كأحكامِ قَبْل (=قبل). وقد تجيء" بعدُ" بمعنى " قَبْل" نَحو: {ولقد كَتَبْنَا في الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِكْرِ} (الآية "105" من سورة الأنبياء "21"). وبمعنى "مَع" يقال "فُلانٌ كَرِيم وهو بَعْدَ هذَا عَاقِلٌ". وعليه تأويل قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنيمٍ} (الآية "13" من سورة القلم "68"). بَعْدَك: اسمُ فعلٍ مَنْقُول، ومَعْناه: تَأَخَّر، أو حَذَّرتَه شَيئًا خَلْفَه، والكاف للخطاب. بَعْدَ اللَّتَيَّا والّتِي: اللَّتَيَّا تَصْغِيرُ الَّتِي على خَلافِ القِياسِ والمَعْنى: بعدَ اللَحظَةِ الصَّغِيرةِ والكَبِيرَةِ التي مِنْ فَظَاعَةِ شأْنِها: كَيْتَ وَكَيْتَ. حُذفَتِ الصِّلةُ إيهامًا لقُصُورِ العبارَة عن الإِحَاطَةِ بِوَصْفِ الأَمْرِ الَّذِي كُنيّ بهما عَنه، وفي ذّلِكَ مِنْ تَفْخِيمِ الأمْرِ مَا لاَ يَخْفَى، وإعرابها: بعدَ ظَرْفُ زمانٍ أو مكان "اللَّتَيَّا". اسمُ موصول تصغير الَّتي مضاف إليه و "الَّتي" مَعْطُوفٌ وصلتهما مَحْذُوفَةٌ وُجُوبًا لما مرَّ. بَعْض: هَيَ لَفْظةٌ صِيغَتْ للدَّلاَلَةِ عَلَى الطَّائِفَةِ، لا على الكُلّ، وقال أبو العَّباس أحمدٌ بنُ يحيى ثعلب: " أَجْمَعَ أَهْلُ النَّحْوِ على أَنَّ البعضَ شيءٌ من أشياءَ أو شيءٌ مِنْ شيءٍ". وتَقَعُ على نِصْفِ الكُل، وعلى ثَلاَثَةِ أَرْبَاعِه، وعَلَى مُعْظَمِهِ وَتَقَعُ على الشيءِ كلِّه ما عَدَا أقَلِّ جُزْءٍ منه. وَقَدْ بعَّضْتُ الشَّيء فرَّقتُ أَجْزَاءه، وتَبعَّض هُو، وقد تكونُ "بعضُ" بمعنى "كُل" كقولِ الشاعر: " أو يَعْتَلِقْ بَعْضَ النفوسِ حَمَامُها" وقال أبو حاتم السَّجسْتَاني: ولا تقول العربُ الكلُّ ولا البَعْضُ، وقد أستعمله النَّاسُ حتى سِيبَويَه والأَخْفشِ في كُتُبِهِما لِقِلَّةِ عِلْمِهما بهذا النحوِ، فاجتنبْ ذلك فإنَّه ليسَ من كلامِ العَرَب(قال الأزهري: النحويون أجازوا الألف واللام) و "بعضُ" مذكَّرٌ في الوجوهِ كُلِّهَا، ويعربُ حَسْبَ مَوْقِعِهِ من الكلام، وقد يُضافُ إلى مَصْدرٍ من نَوعِ الفِعلِ فتقول: " اقْرأ بعْضَ القِرَاءَةِ" لا بَعْضَ الشيء ويعربُ على أنَّه مَفْعُولٌ مُطْلَق. بُعَيْدَات بَيْن: في اللسان: لَقِيتهُ بُعَيْدَاتِ بَيْن: إذا لَقيتَهُ بعْدَ حين، وقيل: بُعَيداتُ بَيْن: أي بُعَيد فِرَاقٍ، وذَلِكَ إذا كان الرَّجُلُ يُمْسِك عن إتْيَانِ صاحِبِهِ الزَّمَانَ ثم يَأْتِيه ثم يُمْسِك عنه ثم يَأْتِيه، وهو من ظُرُوفِ الزَّمَان الَّتي لا تَتَمكَّنُ ولا تُسْتَعْمَلُ إلاّ ظَرْفًا، ويقال: إنَّك لتضحكُ بُعَيْدات بيْن، أي بين المَرَّةِ، ثُمَّ المضرَّة في الحين. بَغْتَةَ: منها قوله تعالى: {حَتَّى إذا جاءَتْهُمُ السَّاعةُ بَغْتَةْ} (الآية "31" من سورة الأنعام "6") {أخذناهم بَغْتَةً} (الآية "44" من سورة الأنعام "6"). وإعرابها: مصدَر في موضعِ الحال أيْ باغِتةً وقِيل: هو مَصْدرٌ لفِعل مَحْذوف أي تَبْغَتُهُم بَغْتَةً. بُكْرَة: تقول: "أَتَيْتُه بُكرةً" أي باكرًا بالتَّنْوين وهو مَنْصُوبٌ على الظَّرفِيَّة الزَّمَانِيَّة، فإنْ أَرَدْتَ بُكْرَةَ يومٍ بِعَيْنه قلت: " أتَيْتُه بُكْرَةَ" وهو مَمْنُوعٌ من الصَّرْف مِنْ أجلِ التأنيث وأنه مَعْرِفةٌ، وهو من الظُّروف المُتَصَرِّفَةِ تَقول: "سِيرَ عَليه بُكرةٌ" فبُكْرَةُ هُنا نَائِبُ فَاعِلٍ لـ "سِيرَ". بَلْ الابتِدَائِيَة: تَأْتِي حَرْفَ ابْتِدَاءٍ وهِيَ التي تَلِيهَا جُمْلةٌ، وَمَعْنَاهَا: الإِضْرَابُ، والإِضْرَاب: إمَّا أنْ يَكونَ مَعْنَاه الإِبْطالَ نحو: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُون} (الآية "26" من سورة الأنبياء "21") أيْ بلْ هم عباد. وإمَّا أن يكونَ مَعْنَاه الاِنْتِقَالَ من غَرَضٍ إلى آخَر نحو: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسمَ رَبِّه فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُون الحَيَاةَ الدُّنْيا} (الآية "14 - 15 - 16" من سورة الأعلى "87"). بَلْ العَاطِفَة: ومَعْنَاها: الإِضرابُ عن الأول، والإِثباتُ للثَّاني، وتَأتي حَرْفَ عَطْفٍ وذلك بشَرْطَين: إفرادِ مَعْطُوفِها وأَنْ تُسَبَق "بإيجابٍ أو أَمْرٍ أو نَفْي أو نهيٍ" ومعناها بعد "الإِيجابِ والأمرِ": سَلْبُ الحكم عما قَبْلها وَجَعْلُه لِمَا بَعْدَها، نحو" قَرَأ بَكْرٌ بل عَمْرٌو" و "ليَكْتُب صَالحٌ بَلْ مَحُمَّدٌ". ومَعْنَاهَا بَعْدَ النَّفْي أو النَّهْي" تقريرُ حُكْمِ مَا قِبْلَها مِنْ نَفْيٍ أو نَهْيٍ على حَالِهِ وجعلُ ضِدِّهِ لما بَعدها كما أنَّ "لكِنْ" كذلِكَ، كقَولِكَ: " ما كُنْتُ في مَنْزِلٍ بَلْ بَيْدَاءَ" لا تُقاطِعْ الجامِعَةَ بل عَمْرًا"، ولا يُعطف بـ " بَلْ" بعد الاستفهام فلا يُقال: " أضربْتَ أَخَاكَ بَلْ زَيْدًا". ولا نحوَه، وقد تُزاد قَبْلَها "لا" لتوكيد الإِضراب وهي نافِيَةٌ للإِيجاب قَبْلَها كقول الشاعر: وَجْهُكَ البَدْرُ لا بَلِ الشَّمسُ لَوْ لَمْ *** يُقضَ للشمسِ كَسْفَةٌ أو أفُولُ ولِتَوْكِيد تَقْرِير مَا قَبْلَها بَعْدَ النَّفي قوله: وما هَجَرْتُكِ لا بَلْ زَادَني شَغَفا *** هَجْرٌ وبُعْدٌ تَرَاخَى لا إلى أجلِ ومنع ابنُ دَرَسْتَويه زِيادَتَها بعدَ النَّفيْ والصحيحُ خِلافه. بَلْهَ: يَأتي عَلى ثلاثة أوْجُه: (أحَدُها) اسْمُ فعلٍ بمعنى "دَعْ" وفتحه للبناء، وما بعدَه منصوبٌ على أنه مفعولٌ به. (الثاني) مَصدَرٌ بمعنى " التَّرْك" وفَتْحُه إعْرابٌ، وما بَعْدَه مَخْفُوضٌ على الإِضَافَةِ نحو "ليس في الكاذب خضير بَلْهَ الخَاسِرِ" ومعناهُ اتركِ الخاسِرَ. (الثالث) اسمٌ مُرادِفٌ لـ "كَيْف" وفَتْحُه للبِنَاء وما بعدَه مَرْفُوع(=اسم الفعل 5). بَلَى: حَرْفُ جَوَابٍ، وتَخْتَصُّ بالنَّفيْ وَتفيدُ إبْطَالَه، سواءٌ أكانَ مُجَرَّدًا نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (الآية "7" من سورة التغابن "64"). أمْ مَقْرُونًا بالاستفهام - حَقِقيًّا كان نحو" أَلَيْسَ عَليٌّ بآتٍ" - أو توبيخًا نحو قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ ونَجْوَاهُمْ بَلَى} (الآية "80" من سورة الزخرف "43"). - أو تَقِرِيرِيًّا نحو قوله تعالى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالوا: بَلى} (الآية "172" من سورة الأعراف "7"}. والفَرْقُ بيْنَ "بلَى" و "نعَمْ" تأتي بعد النَّفيْ والإِثبات. فإذا قِيلَ "ما قامَ زَيْدٌ" فَتَصْدِيقُهُ نعم، وتكذيبُه: بَلَى. البِنَاءُ: -1 تَعْرِيفُه: هُوْ لُزُومُ آخِرِ الكلمةِ حَالَةً واحِدةً. -2 المَبْنِيَّاتُ: (أ) الحُرُوفُ كلُّها مَبْنِيَّةٌ. (ب) الأفعال كلها مبنيةٌ إلاَّ المضارعَ الذي لم تُبَاشِرْهُ إحدى نُوني التوكيد أو اتَّصَلَت بهِ نُونُ الإِناثِ. (جـ) والمَبْنيُّ مِنَ الأَسْماءِ هو كلُّ اسمٍ أَشْبَهَ الحُرُوفَ بَشَبَه من الأشباه الثلاثة: الوَضْعي، والمَعْنوي، والاستعمالي. (=الشَّبَه الوَضْعِي، والشبه المعنوي، والشبه الاستعمالي). والأسماءُ المَبْنية هي: الضَّمائِرُ، أسماءُ الإِشَارَةِ، أسْماءُ المَوْصُولِ، أسْماءُ الأَصْوَاتِ، أسْماءُ الأفْعَال، أسْماءُ الشَّرْط، أسْمَاءُ الاسْتِفْهَامِ، وبَعْضُ الظُّرُوفِ مثل "إذْ، إذا، الآنَ، حَيْثُ، أمْسِ"، وكلُّ ذلك يبُنى عَلَى ما سُمعَ عليه. ويَطَرَّدُ البناءً على الفتح فيما رُكِّبَ مِن الأعدادِ والظُّروف والأَحْوَالِ نحو "أرى خمسةَ عَشَرَ رَجُلًا يَتَرَدُّدُونَ صَبَاحَ مَسَاءَ على جوَارِي بَيْتَ بَيْتَ". وَيَطَّرِدُ البِناءُ على الضَّمِّ فيما قُطِعَ عَن الإِضَافَةِ لَفْظًا من المُبْهَمَات كقبْلُ وبَعْدُ وحَسْبُ، وأولُ، وأسْمَاءُ الجهات، نحو: {لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ} (الآية "4" من سورة الروم "30"). والكَسْرُ فيما خُتم "بَوَيْهِ" كسِيبَوَيْه وَوَزْنِ فَعَالِ علّمًا لأُنْثَى كـ "حَذَامِ ورَقَاشِ" أوْ سَبًّا لها كـ "يا خَبَاثِ ويَا كَذَابِ". أو اسمَ فعل كـ " نَزالِ وقَتَالِ"(يستثنى من الأعداد المركبة "اثنا عشر، واثنتا عشر" فإنها تعرب إعراب المثنى، ومن أسماء الشرط والاستفهام والموصولات "أي" فإنها تعرب بالحركات، ويجوز في" أي " الموصولة البناء على الضم إذا أضيفت، وحذف صدر صلتها نحو "فسلِّم على أيُّهم أفضل" (= أيّ). (=جميعًا في حروفها). -3 أنواعُ البناء: أنواعُ البِنَاءِ أربعةٌ: (أَحَدُها) السُّكونُ، وهو الأَصلُ لأنه عَدَمُ الحَرَكَةِ، ولخِفَّتِهِ دَخَلَ في الكَلِم الثَّلاثِ: الحَرْفِ والفعلِ والاسْمِ المبني؛ فَفِي الحرف نحو "هلْ" وفي الفعل نحو "قمْ" وفي الاسْمِ المَبْنِيّ نحو "كمْ" (الثاني) الفَتْحُ وهُوَ أقْرَبُ الحَرَكَاتِ إلى السُّكُون، ولِهَذا دَخَلَ أَيْضًا في الكَلِم الثَّلاثِ: في الحَرْفِ نحو "سوفَ" وفي الفعل نحو "قامَ" وفي الاسمِ المبني نحو "أينَ". (الثالث) الكَسْرُ، ويدخلُ في الاسْمِ المبني والحرف، نحو" أمْسَ" و "لامِ الجر" في نحو" المالُ لِزَيْد". (الرابع) الضَّمُّ، ويَدْخُلُ في الاسمِ والحَرْفِ أيْضًا نحو "منْذُ" فهِي في لغةِ مَن جَرَّبِها حَرْفٌ مَبْني على الضَّمِّ، وفي لغة من رَفَعَ بها اسْمٌ مَبْنيٌ على الضم. (=مذ ومنذُ) البِنْتُ = ابنة. بَنُون: مُلْحَقٌ بِجَمْعِ المذَكَّرِ السَّالِمِ ويُعْرَبُ إعْرَابَه. (= جمع المذكَّر السالم 8). بَيْتَ بَيْتَ: يُقَال: " جَاري بَيْتَ بَيْتَ" أي مُلاَصِقًا، وهو مُرَكَّبٌ مبنيُّ الجُزْءين على الفَتْحِ في موضعِ النَّصبِ على الحال. بَيْدَ: اسمٌ مُلازِمٌ للإضافَةِ إلى "أنَّ" وَصِلتها" وله مَعْنَيَان: (أحدُهما): - وهو الأكثر - أن يَأْتِي بمعنى "غَير" إلاَّ أنَّه يَقعُ مَرْفوعًا ولا مَجْرُورًا، بَلْ مَنْصُوبًا، ولا يَقَعُ صفةً ولا استِثْنَاءً مُتَّصِلًا، وإنَّما يُسْتَثنى به في الانْقِطاع خَاصَّة، ومنه الحديث(نحنُ الآخِرُون السَّابِقُون يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهم أُوتُوا الكتابَ مِنْ قَبْلِنا). ومَثْلِها: مَيْدَ، قال ثَعْلَبُ: بَيْدَ، مَيْدَ، وغير بمعنْىً، وفَسَّره بعضهُم من أجلِ أني. (الثَّاني) أن يكون بمعنى "مِنْ أجل" ومنهُ الحَدِيث (أَنَا أفْصحُ مَنْ نَطَقَ بالضَّاد بَيْدَ أَنَّي مِن قُرَيشٍ). بَيْنَ: ظَرْفٌ بمعنى وَسَط، أوْ هِي كلمَةُ تَنْصِيفٍ أوْ تَشْريك، يُضَافُ إلى أكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ نحو" جَلَسْتُ بَيْنَ القوْمِ" أي وَسَطَهم، وإذا أُضِيفَ إلى الوَاحِدِ عُطِفَ عليه بالواو ونحو: " المَنْزِلُ بينَ خَالِدٍ وبَكْر" وتَكْرِيرُها مع المُضْمَرِ واجِبٌ، نحو" الكُتُبُ بيني وبَيْنَك" وتكريرُها مع المُظْهَر لا يَقْبُحُ خِلافًا لِمَن قال ذلك، لُوُرُودِها كَثِيرًا فِي كَلاَمِ العَربِ، نحو: " المَالُ بَيْنَ خالدٍ وبَيْنَ عليٍّ"، وإذا أُضِيفَتْ إلى ظَرْفِ زمانٍ كانتْ ظَرفَ زمانٍ نحو "اَزُورُكَ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ". أو إلى ظَرْفِ مَكَانٍ كانَتْ ظَرْفَ مَكانٍ نحو" مَنْزِلي بَيْنَ دارِكَ ودار زَيْدٍ" وإذا أَخْرَجْتَها عنِ الظَّرفِيَّة أَعْرَبْتَها كسائِرِ الأسماءِ نحو: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكم} (الآية "94" من سورة الأنعام "6")، فـ "بينُكم" في الآية فاعل "تَقَطَّعَ" (وهي قراءة الأكثرين، وقراءة نافع والكسائي وحفص بالنصب على الظرف على معنى: لقد تقطع وصلكم بينكم.). بَيْنَ بَيْنَ: تقولُ: " هَذَا تَمْرٌ بَيْنَ بَيْن" أيْ بَينَ الجَيِّدِ والرَّديءِ. وَهُوَ مُرَكَّبٌ مَزْجيٌّ مَبْنيٌّ الجُزأينِ على الفتحِ كـ "خَمْسَةَ عَشَرَ" في موضع الحال. بَيْنَا و بَيْنَمَا: أصْلُهُما: بَيْنَ مُضافَةً إلى أوْقات مضافَةٍ إلى جُملةٍ، فَحُذِفَتِ الأوْقاتُ وعُوِّضَ عنها " الألِفُ " أو "مَا" وهما مَنْصُوبَتَا المَحَلّ، والعامِلُ فِيهما ما تَضَمَّنَتُهْ "إذْ" مِنْ مَعْنى المُفَاجَأة، كقولك: "بَيْنَا أَنَا مُنْطَلِقٌ إذْ جَاءني بَيْنَ أوقاتِ انْطِلاَقِي، وقد تأتي "بينا" بدون" إذْ" بعدَها، وهو فصيحٌ عند الأصمعي، وعليه الحديثُ في البخاري: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينَا أنا نَائِمٌ رأيت النَّاسُ يُعْرَضُون عليّ) الحديث. وما بعد" بَيْنَا وبَيْنَمَا" إذا كان اسمًا رُفِع بالابتداءِ وما بَعدَه خَبر، وإذا كان بعد بينا اسم ثم فعل ومثلها: بينما، كان عَامِلُهُمَا مَحْذُوفًا يفسِّرُهُ الفعلُ المذكورُ نحو" بينما بكرٌ يعملُ في حقله إذ رأى مالًا". وإعْرابُهُما: عَلَى الظَّرفيةَ الزَّمَانِّيةِ لأَنَّهُما - في الأصل مُضَافتان إلى أَوْقَات، والأَلِفُ أو "ما" عَوَضٌ عن المُضَافِ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّم. وهو مُذَكَّر عِنْدَ مُعظَم أهْلِ اللغةِ، والمَشْهُورُ أنَّه يُطْلَق في الرَّجُلِ والمَرْأَة.
|